6.9.08

ويا موت انتظر

/

وكلٌ شيءٍ أبيض
البحر المعلٌق فوق سقف غمامةٍ
بيضاء. والٌلا شيء أبيض في
سماء المطْلق البيضاءِ. كنْتُ، ولم أكنْ.
فأنا وحيدٌ في نواحي هذه الأبديٌة البيضاء.
جئت قبيْل ميعادي
فلم يظْهرْ ملاكٌ واحدٌ ليقول لي: (( ماذا فعلت، هناك، في الدنيا؟ ))
ولم أسمع هتاف الطيٌِبين، ولا أنين الخاطئين
أنا وحيدٌ في البياض
أنا وحيدُ

لاشيء يوجِعني علي باب القيامةِ
لا الزمان ولا العواطف.
لاأحِسٌ بخفٌةِ الأشياء أو ثِقلِ الهواجس.
لم أجد أحداً لأسأل: أين (( أيْني )) الآن؟ أين مدينة الموتي، وأين أنا؟
فلا عدم هنا, في اللا هنا, في اللازمان
ولا وجودُ


وكأنني قد متٌ قبل الآن
أعرف هذه الرؤيا، وأعرف أنني أمضي إلي ما لسْتُ أعرف.
ربٌما ما زلتُ حيٌا في مكان ٍ ما
وأعرف ما أريدُ
سأصير يوما ما أريدُ

/

هذا البحر لي
هذا الهواء الرٌطْب لي
هذا الرصيف وما عليْهِ من خطاي وسائلي المنويٌِ لي
ومحطٌة الباصِ القديمة لي. ولي شبحي وصاحبه. وآنية النحاس وآية الكرسيٌ
والمفتاح لي والباب والحرٌاس والأجراس لي
لِي حذْوة الفرسِ التي طارت عن الأسوار
لي ما كان لي. وقصاصة الورقِ التي انتزِعتْ من الإنجيل لي
والملْح من أثر الدموع علي جدار البيت لي
واسمي، وإن أخطأت لفْظ اسمي بخمسة أحْرفٍ أفقيٌةِ التكوين لي:
ميم / المتيٌم والميتٌم والمتمٌِم ما مضي
حاء / الحديقة والحبيبة، حيرتانِ وحسرتان
ميم / المغامِر والمعدٌ المسْتعدٌ لموته الموعود منفيٌا، مريض المشْتهي
واو / الوداع، الوردة الوسطي، ولاء للولادة أينما وجدتْ، ووعْد الوالدين
دال / الدليل، الدرب، دمعة دارةٍ درستْ، ودوريٌ يدلٌِلني ويُدْميني


وهذا الاسم لي ولأصدقائي، أينما كانوا
ولي جسدي المؤقٌت، حاضراً أم غائباً
" مِتْرانِ من هذا التراب سيكفيان الآن"
لي مِتْر و75 سنتمتراً, والباقي لِزهْرٍ فوْضويٌ اللونِ، يشربني علي مهلٍ
ولي ما كان لي: أمسي، وما سيكون
لي غدِي البعيد، وعودة الروح الشريد, كأنٌ شيئاً لم يكنْ
وكأنٌ شيئاً لم يكن
جرحٌ طفيفٌ في ذراع الحاضر العبثيٌِ
والتاريخ يسخر من ضحاياه ومن أبطالِهِ
" يلْقي عليهمْ نظرة ويمرٌ"
هذا البحر لي
هذا الهواء الرٌطْب لي, واسمي
­وإن أخطأت لفظ اسمي علي التابوت ­لي.
أما أنا ­ وقد امتلأت بكلٌِ أسباب الرحيل
­فلستُ لي.


أنا لستُ لي
أنا لستُ لي..