3.1.09

كأنّي بِكَ


-

آهٍ لوْ كانَ الوَعْيُ حَاضِراً.. لو كُنتُ أعرِفُ أنّي لم أولدُ بعدُ.. أنّي في جَنّةِ الغَيبْ.. بعِيداً عنْ هذا الحُضُورِ الكَرِيهْ.. أنّي لا أزالُ في الطّريقِ إلى هُنا.. ولا تَزَالُ الفُرْصَةُ سانِحةً للاخْتِيارِ بينَ كوابيسِ الأبـدْ.. بينَ اللا بِدَايةِ واللا نِهايَة!

/

آهٍ يا أمّي لو كنتِ تعلمينْ.. لو كنتِ تعلمينَ لَمَا فَرِحْتِ بِسِرِّكِ المدفُونُ مُنذُ تِسْعةِ شُهُور! منذُ تسْعةِ شُهورٍ وأنتِ تُلوِّنِينَ الحِكاياتْ.. تُلمِّعِينَ الغِناء!

وآهٍ يا أمّي لو تعلمينَ سِرَّ البحْرِ, آهٍ يا أمّي.. آهٍ لو تأكلينَ الصخْرَ لأجْلِي.. لو تَنامِينَ في العَراءْ.. لو تنْدَمِينَ على لَوْنِ الإطَارِ في حِكايةِ مُوسى.. وتَنْزعِينَ منْ يَدِي عَصَا الشَّقاء!

//

كأنّي بِكَ يا أبي.. كأنّي بِكَ والبسْمةُ تشرقُ في مُحيَّاكَ الأسمَرْ.. تهنِّئ أمّي بالصّبِي الشقِي.. والآخرونَ فرِحُون!

كأنّي بِكَ والسّيجَارَةُ " الإمْبِريال" بينَ شَفتَيكَ البُنِّيتَينْ.. والدُّخّانُ يُغَطّي رَأْسَكَ الأصْلَعِ, ويَغْشَى عَيْنَيكَ البَرِيئَتَينْ.. كأنّي بِكَ وأنتَ تَحْمِلُني بِيَدَيكَ النحِيلَتَينْ.. وأنتَ تَرْقُصُ بِي.. وأنتَ تَركُضُ في طَرِيقٍ مُظْلمٍِ.. لا تَدْرِي لِمَا يَبْدأ؟ ولا أدرِي إلى أين؟!

آهٍ يا أبي لو كنتَ تعلمْ.. آهٍ يا أبي.. آهٍ يا أبي وألفُ آهْ. آهٍ لو هَمسْتَ لي.. آهٍ لو صَدَقْتنِي.. لو نصَحْتَني.. لو نهَرْتني.. لو منَعْتَني.. آهٍ يا أبي.. آهٍ لو قتلْتَني!

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

أسعدني عودتك للتدوين..
لا أحب البخلاء الذين يحتفظون بمداد أقلامهم لأنفسهم فقط..


ود كبير..

NووN يقول...

شكرا لجمال مرورك العزيز مداد..

لستُ بخيلا.. ولكنها الحياة هنا باعوجاج مشيتها, ولكنه الإنسان هنا بانكسارات روحه المتلاحقة, وانخناق مزاجه المتكرر!

محبتي.